
قال عبد الرحيم شهيد رىيس الفريق الاشتراكي في كلمة باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب في الجلسة العمومية المشتركة لمجلسي البرلمان حول المواقف الأخيرة للبرلمان الأوروبي تجاه بلادنا.. اسمحوا لي أن أتناول الكلمة باسم الفريقين الاشتراكيين بمجلس النواب ومجلس المستشارين بهذه المناسبة. و أن أتوجه إلى النواب بالاتحاد الأوروبي ابلغهم انه في ختام القرار الذي أصدرتموه يوم 20 يناير الجاري، طلبتم من رئيس المجلس إبلاغ مضامينه إلى البرلمان المغربي، فإننا في الفريق الاشتراكي بغرفتي البرلمان، نبلغكم أن رسالتكم قد وصلت، وعليه اسمحوا لنا بحق الرد عليكم انطلاقا مما يجمعنا من شراكة تنبني على حسن الجوار ومبدأ عدم التدخل والحرص على ضمان الأمن والسلم العالميين.
شهيد أضاف اسمحوا لنا في الفريقين الاشتراكيين أولا بأن ننعش ذاكرتكم بأن المملكة المغربية قد انخرطت وبكل قناعة ومسؤولية في مسار تجويد وتأهيل نموذجها الديمقراطي، من خلال العديد من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والدستورية والحقوقية العميقة والجريئة، من أبرزها الإعلان عن هيئة الإنصاف والمصالحة لتحقيق المصالحة الوطنية.
وتكرست هذه الإصلاحات يقول شهيد بإصدار دستور 2011 الذي أرسى فعليا مرتكزات دولة المؤسسات، وكرس مبدأ الاختيار الديموقراطي، وأقر منظومة من هيئات ومؤسسات دستورية معنية بحماية الحقوق والحريات والنهوض بها، حيث توج المغرب هذا المسار الإصلاحي بالانخراط الفعلي في منظومة حقوق الإنسان الدولية، والانفتاح الطوعي على الإجراءات الخاصة والتي توجت بزيارة العديد من المقررين الخاصين وفرق العمل بوتيرة متواصلة للمغرب، وكذا تقديم المملكة تقارير إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان والتفاعل مع آليات التظلم لدى مجلس حقوق الإنسان، والتفاعل الدائم مع آلية الاستعراض الدوري الشامل.
- اسمحوا لنا في فريقينا بأن نعبر لكم عن استغرابنا بأن يترك مجلسكم الموقر كل هذه المسارات والآليات الأممية التي تناقش مختلف الحالات التي اخترتم الحديث عنها، واستبدالها بخلق “حالة طوارئ استثنائية” مظهرها حقوقي للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، وحقيقتها سياسية لا تخفى على أحد لتصريف مختلف الأزمات التي تحاصركم كتكتل سياسي واقتصادي أو كدول مستقلة في مواجهة تداعيات وباء كوفيد والحرب الدائرة في شرق أوروبا. أو خدمة لمصالح لوبيات تجد مصلحتها اليوم في مهاجمة المغرب وخوض حرب بالوكالة لصالح خصوم وحدته الترابية.
- اسمحوا لنا في الفريقين الاشتراكيين بالنواب والمستشارين بأن نطلب منكم التحلي ببعض التواضع والتخلي عن موقع الأستاذ الذي تحبون القيام به وأنتم تقدمون الدروس للآخرين، وأن تعترفوا مع ذواتكم أن مظهر الرشوة الذي ظهر في منظومتكم هو منتوج خاص بكم ودلالة فساد قيمي ومؤسساتي عندكم يجب معالجته من داخل منظومتكم، لا البحث عن طرق لتصديرها للآخرين بتعال وتكبر.
وإذا كان من الصعب عليكم التخلص من هذه الطبيعة الاستعلائية، فإنه يسعدنا –أمام صحوة ضميركم هذه-أن نذكركم ببعض القضايا الإنسانية التي كان من المفروض أن تحظى باهتمامكم:
- سيكون مفيدا أن تصدروا قرارا بفتح تحقيق حول ما حدث بأوروبا خلال فترة كوفيد، لقد تركتم دولا مثل إيطاليا واسبانيا تواجه الوباء القاتل ومصيرها بأنانية مقيتة، تركتم كبار السن يموتون بالمستشفيات ودور العجزة بدون أي إحساس بالذنب، وتحول بعض منكم بدون حياء إلى قراصنة للدواء في الجو والبحر.
- سيكون مفيدا أن تصدروا قرارا لحكوماتكم لإيقاف تصنيع الأسلحة وبيعها في العالم لسنة واحدة فقط وتخصيص ميزانياتها لمحاربة الفقر ومواجهة الأوبئة والتغيرات المناخية، هذه الأسلحة التي تصوتون عليها بدم بارد هي التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ في كل بقاع العالم وهي التي تخلق ملايين المهجرين واللاجئين.
- سيكون مفيدا أن تصدروا قرارات تطلب من حكوماتكم الاعتذار عن ماضيها الاستعماري الهمجي في كل بقاع العالم وخاصة في قارة إفريقيا، وعن استنزاف ثرواتها وامكاناتها التي بفضلها اغتنت قارتكم وما زالت تغتني.
- سيكون مفيدا أن تكون لكم الجرأة بأن تصدروا قرارات لتصحيح ما قامت به دولكم ، تحت شعار الحرية وحقوق الإنسان، بالعديد من دول شمال افريقيا والشرق الأوسط خلال فترة الربيع العربي، والتي حولتها حكوماتكم إلى دول غير مستقرة تحت رحمة الحرب الأهلية والإرهاب والطائفية.
السادة النواب الأوروبيون المحترمون،
حين نذكركم بهذا فلنقول لكم بأنكم بهذه الطريقة من التفكير والتعامل غير منسجمين مع أنفسكم، وأنكم غير مؤهلين أخلاقيا لإعطاء الدروس للآخرين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
السادة النواب الأوروبيون المحترمون،
إننا في الفريقين الاشتراكيين بمجلس النواب، نؤكد على أهمية الشراكة الأوروبية المغربية، ونشدد على ضرورة استمرار العمل المشترك لتطويرها من أجل تعزيز ما تم بناؤه من علاقات الثقة المتبادلة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وبقدر تثميننا انفتاح المغرب على المناقشة المؤسساتية المبنية على الشراكة والاحترام المتبادل لمختلف القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان والحريات وقضايا الأمن والجريمة المنظمة ومحاربة الإرهاب، نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية ومحاولات استهداف المغرب وابتزازه من خلال التشكيك في اختياراته الديمقراطية والحقوقية واستهداف مؤسساته الدستورية وفي مقدمتها استقلالية السلطة القضائية.
وشكرا