ما هي الرسالة التي تبعث بها الحكومة لأطباء المستقبل ؟
حنان رحاب
هل الرسالة هي أن لا مكان لكم في بلدكم؟
قد يبدو هذا السؤال يحمل مبالغة، ولكن ما معنى أن تقوم رئاسة الجامعة بحل مكاتب الطلبة؟ وهو القرار الذي يستحيل اتخاذه دون موافقة الوزارة الوصية والحكومة، هذا إذا لم يكن القرار بتوجيه منهما.
ما يجعل هذه الفرضية مرجحة، هو تراجع فرق الأغلبية عن استقبال ممثلي الطلبة بعد أن حددوا لهم موعدا مسبقا.
كل من اطلع أو استمع أو جالس ممثلي طلبة كليات الطب والصيدلة إلا ويقر بأن ملفهم المطلبي مشروع، ومقنع، ويتعلق أساسا بالجوانب البيداغوجية المرتبطة بتجويد ظروف التكوين والتأطير، وبالتالي التأهيل المستقبلي لمهنة لها علاقة بصحة المواطنات والمواطنين.
حل مكاتب الطلبة يعني انتهاك حقهم في التنظيم، ومن ثم في التعبير،وامتناع فرق الأغلبية عن استقبالهم بتوجيهات من اخنوش حسب جاء في موقع “اليوم 24” يعني أن الحكومة قررت عدم الاستجابة للنقط الرئيسية في مطالبهم، وأنها ستفرض قراراتها بالقوة، وأن باب الحوار أغلق نهائيا.
نحن أمام حالة من العبث، مركبة من العجز عن الاستجابة لملف مطلبي مشروع، ولا يكلف من الناحية المالية واللوجيستية الشيء الكثير، ثم يليها العجز عن إقناع الطلبة ولا حتى المتابعين بردود الحكومة وتبريراتها
وإذا صح هذا الخبر، فإننا أمام تدخل للسلطة التنفيذية في عمل البرلمانيين والفرق البرلمانية، يهدد الفصل بين السلطات، ومن ثم فيه مساس بواحد من ركائز الديموقراطية.
غير أن انصياع فرق الأغلبية الثلاثة لهذا القرار يسائل كذلك استقلاليتها، ووعيها بخطورة هذا التدخل.
نحن أمام حالة من العبث، مركبة من العجز عن الاستجابة لملف مطلبي مشروع، ولا يكلف من الناحية المالية واللوجيستية الشيء الكثير، ثم يليها العجز عن إقناع الطلبة ولا حتى المتابعين بردود الحكومة وتبريراتها، ثم يلي كل ذلك رفض الاستماع بعد العجز عن الاستجابة والعجز عن التبرير، وأخيرا حل المكاتب والتدخل في عمل فرق برلمانية لفرض عدم استقبالهم لممثلي الطلبة.
حكومة تعجز عن ابتكار الحلول، فتلجأ ليس إلى تكميم الأفواه فقط، بل إلى إغلاق الآذان، وليس آذانها فقط، بل حتى آذان فرقها البرلمانية، المفترض أنها واحدة من مؤسسات الوساطة.
اي صورة يسعى رئيس الحكومة وأعضاؤها وفرقها البرلمانية المساندة لها ترويجها عن المؤسسات المنتخبة في البلد ؟
هذا في التعامل مع ملف طلبة الطب، الذين لا يشكلون سوى عددا ضئيلا من مجموع الطلبة بالمغرب (إذ بالكاد وصلنا هذه السنة إلى حوالي 5 آلاف طالب ولج كليات الطب والصيدلة، بعد أن كان معدل الثلوج لا يتعدى ألفين إلى 3 آلاف طالب سنويا)،
فكيف سيكون تعاملها مع ملفات أكبر وتمس شريحة اوسع، وتتطلب اعتمادات مالية ولوجستية أضخم.