كتاب “المكرفون يتحرر” للإذاعي أحمد علوة ..(الحلقة 8) : دهشة البدايات ؟

الحلقة 8…دهشة البداية ؟
أفضل استعمال عبارة دهشة البداية وليس أخطاء البداية، حتى لا أكون قاسيا في حق تجربة الإذاعات الخاصة في المغرب ، حيث لم تكن الطريق كلها مفروشة بالورود ولم تكن المسافة الفاصلة بين العام 2006 تاريخ انطلاق الجيل الأول من هذه الإذاعات إلى حين صدور هذا الكتاب سنة 2018 تعج بالنجاحات فقط ، بل شابت التجربة الكثير من الزلات والأخطاء .
إن اختلاط الحابل بالنابل في مهنة حديثة في المغرب، أدى إلى ارتكاب العديد من الأخطاء ،أولها يرتبط بالعنصر البشري “المذيع” الشخص الجالس خلف الميكرفون ،الذي يطلق عليه البعض لقب “المنشط” وهو اللقب الذي لا أحبذه ،وأعتبره لقبا يمكن اعتماده في غير العمل الإذاعي الذي يتطلب مهنيين أكفاء و ليس منشطي أعراس شعبية لا ينتقون عباراتهم .
فقد لوحظ هيمنة مذيعين مدعين ومنتحلين ومنشطي “أعراس” على مكرفونات بعض المحطات الإذاعية ،وبمباركة بعض أصحاب هذه الإذاعات بذريعة استقطاب أكبر عدد من المستمعين ،مما جعلهم يتجهون عن قصد أو غير قصد إلى خلق الرداءة والانحراف باللغة والمعلومة عن جادة الصواب ، ومما أدى إلى نوع من خصومة و النفور ما بين هذه المحطات والمستمع المغربي الذي وجد نفسه فجأة قد ابتلي ببرامج ضعيفة أبطالها بعض أنصاف المواهب الإذاعية التي تنشط وتقدم برامج ضعيفة بمضامينها قوامها التهريج والسوقية دون أي احترام لمعايير العمل الإذاعي ولا للذوق العام .

هذه الأخطاء التي اعتبرتها دائما دهشة البدايات ،وإن طال عمرها مع تقدم عمر هذه الإذاعات، وأصبحت ديدن البعض، و انتصرت كثيرا للرداءة على حساب الجودة ، أفرزت نقاشا مجتمعيا عن ماهية هذه الإذاعات ؟
وعن الدور المفترض لها ؟
خاصة مع بروز العديد من الإشكالات المرتبطة بما هو حقوقي وقانوني ،وبما يسائل نوعية الخدمة الإعلامية والوعي المتزايد بالحق في المعلومة الصحيحة التي تحترم ذكاء المستمع ،الذي وجد نفسه أمام برامج مباشرة بالأساس يقدمها أشخاص لا دراية ولا اختصاص ولا معرفة لهم بالمجال خاصة حين يتعلق الأمر بمجالات حساسة تتعلق بالإرشاد الصحي والنفسي .
لوحظ هيمنة مذيعين مدعين ومنتحلين ومنشطي “أعراس” على مكرفونات بعض المحطات الإذاعية ،وبمباركة بعض أصحاب هذه الإذاعات بذريعة استقطاب أكبر عدد من المستمعين
ومن هنا تعاظم دور الهيأة العليا للسمعي البصري إلى الحد الذي سمحت فيه مؤخرا للمواطنين بوضع شكاياتهم ضد البرامج التلفزية والإذاعية، وحددت الهيأة طرق وضع الشكايات ضد البرامج الإذاعية والتلفزية عن طريق وضع الشكاية بمقر الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، ـأو عبر البريد أو بطريقة إلكترونية وهي شكايات تتعلق أساسا بالخروقات من قبل أجهزة ومتعهدي الاتصال السمعي البصري وللقوانين والمساطر المطبقة على قطاع الاتصال السمعي البصري .
عهد جديد دخلناه مع هذه الهيأة التي ظلت دوما هادئة ومحتاطة و”وقورة” في حجم ونوعية تدخلاتها .



